تعريف الحديث المشهور

الحديث المشهور هو قسمٌ من أقسام حديث الآحاد، ويُعرّف اصطلاحاً بأنّه: "ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقات السند"، ومعنى ذلك أن يكون في كلّ طبقةٍ من طبقات السّند ثلاث رواةٍ فأكثر، ولا يُشترط أن يكون في كل طبقة ثلاثة فقط، بل يُشترط أن لا ينزل عن هذا العدد في أقلّ طبقةٍ منه، فإذا كان في إحدى الطبقات راويان فقط فلا يدخل هذا في الحديث المشهور، بل يُطلق عليه حينها الحديث العزيز.[١]


وإذا نظرنا إلى تعريف الحديث المشهور خلصنا إلى شرطين أساسيّين ينبغي وجودهما في الحديث حتى يكون حديثاً مشهوراً في المعنى الاصطلاحي، وهما:[١]

  • أن يرويه ثلاثة رواة فأكثر في كلّ طبقةٍ من طبقات السّند.
  • أن لا تبلغ الكثرة فيه حدّ التواتر، فحينها يُصبح حديثاً متواتراً لا مشهوراً، وهو أعلى وأقوى من المشهور.


أنواع الحديث المشهور

ينقسم الحديث المشهور إلى نوعين، والنوع الأوّل: هو المشهور الاصطلاحي، وقد ذكرنا تعريفه وشروطه فيما سبق، حيث له ضوابط وشروط إذا توفّرت فيه أصبح مشهوراً من حيث الاصطلاح، حتى وإن كان غير مشتهرٍ بين النّاس، أما النوع الثاني: فهو المشهور غير الاصطلاحي، ويتفرّع عنه العديد من الأمثلة والأنواع، ومنها ما يأتي:[٢][٣]

  • المشهور بين العامّة

هو الحديث الذي اشتُهر على ألسنة النّاس، سواءً كان في إسناده راوٍ واحد أم أكثر، وسواء كان صحيحاً أم ضعيفاً، فلا يُشترط فيه وجود ثلاث رواةٍ فأكثر في كلّ طبقة من طبقات سنده، ومثاله قول: (العجلة من الشيطان)، وبالرّغم من أنّ هذا الحديث ضعيف وليس له إلا إسناد واحد، إلا أنّه مشهور بين الناس.


ولكن هذه الشّهرة في معناها غير الاصطلاحي، ومثاله أيضاً حديث: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ)،[٤] وهذا حديثٌ صحيح اشتهر بين عامّة النّاس، وكذلك الأمر الحديث الصحيح: (مَن غَشَّنا فليسَ مِنَّا)،[٥] وهذا يعني أنّ الحديث المشهور غير الاصطلاحي قد يكون ضعيفاً وقد يكون صحيحاً، لكنّه اشتهر على ألسنة الناس بغضّ النظر عن توفّر شروط المشهور الاصطلاحي في طبقات سنده.

  • المشهور بين الفقهاء

ومثاله حديث: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، وهو حديثٌ مشهور بين الفقهاء، ولكنّ جميع طرقه ضعيفة، ولم يتوفّر فيه شروط الحديث المشهور اصطلاحاً.

  • المشهور عند الأصوليين

مثل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ).[٦]

  • المشهور بين علماء اللغة العربية

مثل: (أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش)، ولكنّ هذا القول ليس له إسناد إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.

  • المشهور بين الأدباء

مثل: (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، وهذا الكلام وإن كان معناه صحيحاً ولكنّ إسناده ضعيف.


حكم العمل بالحديث المشهور

قد يظنّ النّاس أنّ الحديث المشهور صحيح دائماً، بسبب تعدّد الرواة في طبقات إسناده، ولكنّ هذا الأمر لا يعني صحّة الحديث، فربّما كان في سند الحديث ومتنه ما يخلّ بشروط الصحّة، لِذا فإنّ المحدّثين لا يبالوا بالعدد إذا لم يجتمع فيه الصفات التي تجعل سنده صحيحاً أو صالحاً للتقوّي، وبناءً على ذلك ينقسم الحديث المشهور من حيث الصحّة إلى ثلاثة أقسام:[٧]

  • الصحيح والحسن: وهذه الأحاديث يجب العمل بما جاء فيها، وكذلك الأحاديث التي تكون في مراتب الصحّة؛ كالصحيح لغيره، والحسن لذاته، ومثاله العمل بالاستحباب الوارد في الحديث الصحيح: (إِذَا جَاءَ أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ)،[٨] ومثاله الحديث المشهور الحسن لكثرة طرقه: (لا ضرر ولا ضرار).[٩]
  • الضعيف بجميع طرقه: وما ليس له إسناد ونحوه، فهذا لا يحتجّ به في العمل، مثل الحديث الضعيف رغم كونه مشهورا: (اطلبوا العلم ولو بالصين).



مواضيع أخرى:

ما هو السند في الحديث؟

شروط حديث الآحاد

المراجع

  1. ^ أ ب محمد عبد الغفار، شرح البيقونية، صفحة 6، جزء 8.
  2. حسن أبو الأشبال الزهيري، دورة تدريبية في مصطلح الحديث، صفحة 25، جزء 3. بتصرّف.
  3. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 411. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1804، صحيح.
  5. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:101، صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم:7352، صحيح.
  7. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 409-410. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:877، صحيح.
  9. رواه أبو داود باختلاف يسير، في المراسيل لأبي داود، عن واسع بن حبان، الصفحة أو الرقم:451، قال الألباني حسن لطرقه وشواهده الكثيرة.