عدد الأحاديث المتواترة

الأحاديث المتواترة في السنة النبوية كثيرةٌ جداً، ولا يمكن تحديدها بعددٍ محدَّدٍ لأنّ المتواتر ينقسم إلى قِسمين؛ المتواتر اللّفظي: وقد حدّد عدده بعض أهل العلم بمئةٍ وعشرة أحاديث، وزاد بعضهم على ذلك العدد، أما القسم الثاني فهو المتواتر المعنوي، وهذا عدده كبيرٌ جداً في السنة النبوية.[١]


كما أنّ نسبةً كبيرةً من الأحاديث في صحيحيّ البخاري ومسلم هي أحاديث متواترة، وقد أفرد العديد من العلماء كتباً خاصة بالأحاديث المتواترة، وهذا يدلّ على كثرة عددها،[١] وقد ذكر بعض أهل العلم أن الأحاديث المتوتر تبلغ ثلاثمئةٍ وعشرين حديثاً، وقيل غير ذلك، ومن المصنّفات التي أُلِّفت في الأحاديث المتواترة ما يأتي:[٢]

  • الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، للإمام السيوطي.
  • قطف الأزهار، للإمام السيوطي أيضاً، وهذا الكتاب تلخيصٌ للكتاب السابق.
  • نظم المتناثر في الحديث المتواتر، لمحمد بن جعفر الكتاني.


تعريف الحديث المتواتر وأقسامه

الحديث المتواتر هو الحديث الذي رواه جمعٌ يستحيل تواطؤهم -أي اجتماعهم- على الكذب من أول سند الحديث إلى آخره، ويُقسم إلى قِسميْن هما:

  • المتواتر اللفظي

وهو الحديث الذي تواتَر لفظه ومعناه، فيروي مجموعةٌ من الرُّواة نفس المتن بنفس اللّفظ والمعنى، ومن الأمثلة عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)،[٣] فقد ذكر ابن حجر أنّ هذا الحديث رواه نحو مئةٍ من الصحابة بنفس اللّفظ والمعنى.


  • المتواتر المعنوي

وهو الذي تواتر معناه دون لفظه، ومن الأمثلة عليه أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روى حديث رفع اليدين في الدعاء أكثر من خمسين صحابياً، ولكن كلّ هذه الأحاديث كانت في قضايا مختلفة، والقدر المشترك بينها الذي تواتر بالمجموع هو رفع اليدين عند الدعاء، وقد جمع هذه الأحاديث الإمام السيوطي في كتابٍ أسماه: "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء".[٤]


شروط الحديث المتواتر

من خلال تعريف الحديث المتواتر نستطيع ذكر شروط الحديث المتواتر، وقد ذكرها العديد من العلماء في كتبهم، ونجملها كما ذكرها ابن حجر وغيره فيما يأتي:[٥]

  • الشرط الأول: العدد الكثير: ويعني هذا الشرط أنْ يكون في كلّ حلقةٍ من حلقات السند عددٌ كبيرٌ من رواة الحديث.


  • الشرط الثاني: اطمئنان القلب والعقل إلى استحالة اتفاق الرواة على الكذب: أي أَنْ يطمئنّ العقل والقلب لصدق خبرهم، كأن يكونوا من بلادٍ مختلفة، وفي مهنٍ مختلفة، وليس لهم مصلحة مشتركة بنقل حديثٍ معيّن، ولا تتوفّر لديهم دواعي الكذب فيما يُخبرون عنه.


  • الشرط الثالث: أن يتوفّر العدد الكثير من الرُّواة في كلّ حلقةٍ من حلقات السند.


  • الشرط الرابع: أن يكون مستند خبرهم الحسّ؛ لأنّه يُفيد اليقين، كأن يقولوا: سمعنا، أو رأينا.


والحديث المتواتر يجب العمل به، وقد اتّفق العلماء على حجّيته ووجوب العمل به، لكثرة عدد الناقلين له، واستحالة تواطؤهم على الكذب، وقد قال السرخسي -رحمه الله- مبيِّناً مقدار الثقة بالحديث المتواتر: "ثم المذهب عند علمائنا أن الثابت بالمتواتر من الأخبار علم ضروري كالثابت بالمعاينة".[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب "نفس وجود المتواتر في السنة"، بيان الإسلام للرد على الشبهات حول الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2023. بتصرّف.
  2. حسن أبو الأشبال الزهيري، دورة تدريبية في مصطلح الحديث، صفحة 21، جزء 3. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:1291، صحيح.
  4. عامر بن حسن صبري، حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام، صفحة 4. بتصرّف.
  5. جامعة المدينة العالمية، الدفاع عن السنة، صفحة 205-213. بتصرّف.
  6. رفعت عبد المطلب، توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته، صفحة 79. بتصرّف.