الحديث الموضوع هو: الحديث الملفق المختلق المكذوب على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فهو كلامٌ نسبه الكذابون المفترون إليه زوراً وبهتاناً، وهو شرّ أنواع الرواية، وقد حذّر -عليه الصلاة والسلام- من الكذب عليه، إذ قال: (إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).[١][٢][٣]


أسباب وعوامل وضع الحديث

هناك عدّة أسبابٍ وعوامل حملت الوضّاعين على اختلاق وتلفيق الحديث ونسبته إلى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ويُذكر من تلك العوامل:[٣]

  • الخلافات السياسية وانقسام المسلمين إلى طوائف، حيث وضعت بعض الطوائف أحاديث نصرةً للطائفة وذمّ من يخالفها.
  • التعصب المذهبيّ، فقد أدّت الخلافات المذهبية وظهور المذاهب الفقهية إلى وضع بعض المتعصّبين للمذهب الأحاديث نصرةً لمذهبه.
  • التزلّف والتقرّب إلى الملوك والأمراء برواية الأحاديث الموضوعة التي توافق أهواءهم وتسوّغ أفعالهم.
  • كسب المال بوضع الأحاديث المكذوبة وروايتها للناس، وهذا مشهورٌ عند القصّاصين وغيرهم من الوضّاعين لغرض التكسّب.
  • الرغبة في زعزعة مبادئ الإسلام، والسعي في إضلال الناس عن الطريق الحق المستقيم، وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم، قال حمّاد بن زيد: "وضعت الزنادقة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أربعة عشر ألف حديثٍ، لكنّ الله -تعالى- منَّ على أمة الإسلام بالنقّاد، والمحقّقين، الذين نخّلوا السنة، فأخرجوا منها ما كان من هذا الباب، وأشباهه، وصنفوا في ذلك الكتب، والمؤلفات".


متى بدأ الوضع في الحديث؟

لم يظهر الوضع في الحديث بشكلٍ واضحٍ زمن الرسول والصحابة، فقد بدأ ظهور الكذب والوضع على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في عصر التابعين أي بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين، ثمّ ازداد شيئاً فشيئاً مع ظهور علم الحديث والإسناد والاشتغال بذلك.[٤]


خطورة وضع الحديث على المجتمع المسلم

يشكّل انتشار الأحاديث الموضوعة خطراً على المجتمع المسلم؛ حيث يمسّ عقيدة الفرد والمجتمع وثوابته، وتترتّب العديد من الآثار السيئة على المجتمع المسلم بسبب وضع الحديث، يُذكر منها:[٥]

  • ترك العمل بالأحاديث الصحيحة والسنة الثابتة، والانشغال بالأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ لما تحتويه من ثوابٍ وأجورٍ وهميةٍ مبالغ فيها مقابل أعمال قليلةٍ، ممّا يؤدي إلى عدم تقبّل الناس للصحيح الثابت.
  • الوقوع في الشرك المُخرج من مِلّة الإسلام باعتقاد أمورٍ مكذوبةٍ لا تصحّ، كالاعتقاد بنفع وضرّ الحجر اعتقاداً بصحة الحديث الموضوع الذي نصّ على: (لو اعتَقَد أحدُكم بحَجَرٍ، لنَفَعَه)، [٦]فهذا حديثٌ موضوعٌ لو عَمِل المسلم به واعتقد أنّ الحجر يضرّ أو ينفع لأخرجه من الإسلام.
  • انتشار البدع بين المسلمين ومخالفة السنة النبوية، فعلى سبيل المثال: فإنّ مسح الرقبة لا يجوز في الوضوء، وقد رُوي مسحها في حديثٍ موضوعٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
  • تحريم ما أحلّ الله، فعلى سبيل المثال: فإنّ الطلاق مباحٌ وليس محرّماً كما رُوي في الحديث الموضوع: (تزوَّجوا ولا تُطلقوا؛ فإن الطلاق يهتزُّ منه العرش).

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:1291، صحيح.
  2. أسامة سليمان، كتاب شرح البيقونية، صفحة 6. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مجموعة من العلماء (27/1/2003)، "الوضع في الحديث.. معناه.. حكمه.. وأسبابه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/10/2021. بتصرّف.
  4. [عبد الله الجديع]، كتاب تحرير علوم الحديث، صفحة 1042. بتصرّف.
  5. [شحاتة صقر]، كتاب دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 9-27. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في السلسلة الضعيفة ، عن ......، الصفحة أو الرقم:450، موضوع.