نص حديث نعم كهيئتكم اليوم

أورد العينيّ في عمدة القاري، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ: "رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذكرَ فَتَّانَي القبرِ فقالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضِي اللهُ تعالَى عنه أَتُرَدُّ لنَا عقولُنَا يَا رسولَ اللهِ؟ قالَ: نعمْ كهيئتِكم اليومَ، فقالَ عمرُ: في فيهِ الحجرِ".[١]


شرح حديث نعم كهيئتكم اليوم

معاني مفردات الحديث

آتيًا بيان معاني مفردات الحديث:[٢]

  • فتَّانَيِ القبر: الملكان اللذان يمتحنان العبد في القبر بالسؤال عن ربّه ونبيّه ودينه.
  • أتُردّ لنا عقولنا: أتعود لنا أرواحنا ونحيا بعقولنا.
  • في فيهِ الحجر: كأنّما أطعمه الحجر وهذا المعنى مجازي بمعنى أسكته.


المعنى الإجماليّ للحديث

يذكر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الملكين اللذين يمتحنان العبد بالسؤال عن ربّه ونبيّه ودينه، ويمتحنان المؤمن والكافر، وسمّيّ الملكان فتانَي القبر؛ لأنّهما فتنةٌ عظيمةٌ يُختبر بها إيمان العبد ويقينه، فمن وفّقه الله في هذا الاختبار فاز ونجا، ومن فشل هلك، فسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قائلًا: هل تعود لنا أرواحنا ونحيا بعقولنا؛ لنستطيع الإجابة على أسئلة الملكين؟ فرد عليه النبيّ أنّ الناس يكونون بنفس هيئتهم البشريّة التي ماتوا عليها؛ فأجاب عمر أنّه إذا رَدَّ الله روحه فيستطيع أن يُدافع عن إيمانه بالجواب الذي يُسكت الفَّتان ويقنعه، وشبّه عمر -رضي الله عنه- كأنما ألقمه حجرًا؛ وذلك لرسوخ الإيمان في نفسه وثباته في قلبه، وكان العرب يستعملون هذا اللفظ دلالةً على الجواب المُسكِت المُقنع.[٣][٤]


وقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حديثٍ آخر حال الملكين اللذين يأتيان العبد في قبره وصفتهما وأسئلتهما له، وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا قُبر الميت، أو قال أحدكم أتاه ملكان، أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر والآخر: النكير، فيقولان: ما كان يقول هو: عبدُ الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينوّر له فيه، ثم يقال له نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم؟ فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون، فقلت: مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيُقال للأرض التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال مُعذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك"،[٥] وقيل إنّ الملكين هما: (منكر ونكير)، أسودان وعيناهما زرقاوان، ويبعثهما الله على ذلك الشكل، لما في ذلك من وحشةٍ للكفار فيتحيّروا بالجواب، وأمّا المؤمنون فيبتليهم الله في ذلك، ثمّ يثبّتهم؛ لأنّهم كانوا يخافون منه -جلّ وعلا- في الدنيا، وذلك دليلٌ على أنّ من صَدَقَ الله في إيمانه في الدنيا؛ فإنّ الله يثبّته عند فتنة القبر.[٦]

 

ما يرشد إليه الحديث

يرشد الحديث الشريف إلى جملةٍ من العبر والفوائد، آتيًا ذكر أبرزها:[٧][٤][٦]

  • إثبات فتنة القبر.
  • حُسن ظنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالله تعالى على ما سيكون عنده من جوابٍ للملكين؛ ليقينه وإيمانه بالله عزّ وجلّ.
  • عذاب القبر ونعيمه ثابتٌ بالكتاب والسنة؛ فهو منقولٌ إلينا بالتواتر، فعلى المسلم أن يؤمن به، وأن يستعيذ بالله تعالى من فتنته.

المراجع

  1. رواه العيني، في عمدة القاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:211، صحيح.
  2. "حديث نعم كهيئتكم اليوم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  3. "شرح حديث نعم كهيئتكم اليوم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "أهوال القبر (ضمة القبر ودخول الملكين)"، موقع الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1071، حسن.
  6. ^ أ ب "شرح حديث إذا قبر الميت"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021.
  7. "شرح حديث نعم كهيئتكم اليوم"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2021.