أحاديث تدعو إلى التسامح والصفح
إنّ التسامح من الأخلاق الحسنة الكريمة التي دعا إليها الإسلام الحنيف، وبرز ذلك جليّاً في القرآن والسّنة، فقال الله -سبحانه-: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[١] وقال: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[٢] ونذكر أبرز الأحاديث التي تدعو إلى الصفح والتسامح فيما يأتي:
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).[٣]
- قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثٌ والذي نفسي بيدِه إنْ كُنتُ لحالفًا عليهنَّ: لا ينقصُ مالٌ من صدقةٍ فتصدقوا، ولا يعفو عبدٌ عن مظلمةٍ إلا زاده اللهُ بها عزًّا يومَ القيامةِ، ولا يفتحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلا فتح اللهُ عليه بابَ فقرٍ).[٤]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ).[٥]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).[٦]
- جاء رجلٌ إلى النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقال: (يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً).[٧]
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (ما رأيتُ النَّبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- رُفِعَ إليه شيءٌ فيه قِصاصٌ إلَّا أمَرَ فيه بالعَفوِ).[٨]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا. المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هاهُنا، ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ).[٩]
أحاديث عن تسامح النبيّ وعفوه عن قومه
كان النبيّ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس حُلُماً وتسامحاً مع غيره، ومن المواقف التي يظهر فيها خلق العفو والتسامح عند النبيّ الكريم ما يأتي:
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كُنْتُ أمْشِي مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ برِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قالَ أنَسٌ: فَنَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ أثَّرَتْ بهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِن شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ مُرْ لي مِن مَالِ اللَّهِ الذي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أمَرَ له بعَطَاءٍ).[١٠]
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).[١١]
أحاديث تدعو إلى مسامحة المعسر أو التخفيف عنه
إنّ إنظار المعسر والتخفيف عنه من الأعمال التي يحبّها الله -تعالى-، ويُجزي عليها صاحبها أجراً عظيماً، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي يدعو فيها النبي الكريم إلى إنظار المعسر أو العفو عنه ومسامحته ما يأتي:
- عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: (إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه).[١٢]
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من يسَّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ اللَّهُ عليْهِ في الدُّنيا والآخرةِ).[١٣]
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من أنظرَ معسرًا كانَ لَه بِكلِّ يومٍ صدقةٌ ومن أنظرَه بعدَ حلِّهِ كانَ لَه مثلُه في كلِّ يومٍ صدقةٌ).[١٤]
أحاديث عن أمور لا تسامُح فيها
صحيحٌ أن الإسلام دين الرّفق والتسامح، إلا أنّ هناك العديد من الأمور التي لا يُقبل فيها التسامح والتخفيف؛ تحقيقاً لمصالح الأفراد والمجتمعات، ودرءاً للمفاسد العظيمة، مثل انتهاك محارم الله -سبحانه-، وبعض الحدود والعقوبات، ومن الأحاديث التي تبيّن ذلك ما يأتي:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَقِيلوا ذوي الهيئاتِ عثَراتِهم، إلَّا الحدودَ).[١٥]
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلّ-).[١٦]
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُها إلى أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسامَةُ فيها، تَلَوَّنَ وجْهُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ؟! قالَ أُسامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كانَ العَشِيُّ قامَ رَسولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَها. ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ، فَقُطِعَتْ يَدُها، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بَعْدَ ذلكَ وتَزَوَّجَتْ).[١٧]
المراجع
- ↑ سورة النور، آية:22
- ↑ سورة البقرة، آية:237
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2588، صحيح.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في مسند أحمد، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:1674، قال الألباني صحيح لغيره.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2488، حسن غريب.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:2076 ، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5164، صححه الألباني.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4497، صالح وصححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2564، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6088، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3477، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة، الصفحة أو الرقم:1563، صحيح.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1976، صححه الألباني.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:1977، صححه الألباني.
- ↑ رواه أبو داود ، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:4375، صالح وصححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2328 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:4304 ، صحيح.