هيّأ الله تعالى لهذا الدين رجالًا أمضوا حياتهم في سبيل خدمة علومه، قال النّبي -صلى الله عليه وسلم-: (يحمِلُ هذا العِلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الجاهِلينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الغالينَ)،[١] ومن أعلام العلماء الذين نهضوا بالحديث دراية ورواية؛ هما الإمام محمّد بن إسماعيل البخاري، والإمام مسلم بن الحجّاج النّيسابوريّ، وقد قال الإمام النووي في شرح مسلم: "اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول"،[٢] وآتياً في هذا المقال نبيّن عدد الأحاديث في صحيحهما، ومنهجهما في كتابة الصحيحين وشروطهما، وذلك ما يدل على حرصهما في خدمة السنّة النبوية.[٣][٤]


عدد الأحاديث في صحيح البخاري ومسلم

بلغ عدد الأحاديث في صحيح البخاري حوالي سبعةُ آلافٍ ومائتين وخمسة وسبعين حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديثٍ كانت تحت يديه؛ ذلك أنه اشترط شروطًا خاصةً في رواية الحديث، بينما بلغت عدد الأحاديث في صحيح مسلم حوالي ثلاث مائة ألف حديث سمعها من شيوخه خلال رحلاته.[٥][٦]


شروط الإمامين البخاري ومسلم في صحيحهما

كان للإمام البخاري والإمام مسلم رحمهم الله شروطًا خاصة قررها الإمامان في صحيحهما، كان قد لخصّها ابن حجر فقال: (إنَّ شرط الصَّحيح أنْ يكون إسناده متَّصلًا، وأنْ يكون راويه مسلمًا، صادقًا، غير مدلِّسٍ، ولا مختلِطٍ، متَّصفًا بصفات العدالة، ضابطًا، متحفّظًا، سليم الذِّهن، قليل الوهم، سليم الاعتقاد).[٥]


منهج الإمام البخاري في كتابة صحيحه

كتاب صحيح البخاري من أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث، واستغرق في تأليفه وجمعه وترتيبه حوالي ستة عشر عامًا، تناول فيه أحاديث النّبي -عليه السلام وسننه وأيامه، وقد رتَّب الإمام البخاري رحمه الله الأحاديث في صحيحه على الكتب مفتتحًا إيّاه بكتاب بَدء الوحي ومختتِمًا بكتاب التَّوحيد، ثمَّ جعل كلّ واحد من هذه الكتب محتوياً على عدد من الأبوابٍ، وتحت كلِّ بابٍ عددٌ من الأحاديث، وتعمّد البُخاري إلى إبراز فقْه الحديث، واستنباط الفوائد، فعقد تراجم الأبواب، وذَكَرَ في هذه التراجم الأحاديثَ المعلَّقة، وكثيرًا من الآيات وفتاوى الصَّحابة والتَّابعين ليبيِّنَ بها فقْه الباب والاستِدلال له، وهكذا يكون قد جمعَ بين حفظ سُنَّة رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم وفهْمِها.[٥]


منهج الإمام مسلم في كتابة صحيحه

يأتي كتاب صحيح مسلم في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري، وقد استغرق الإمام مسلم في تأليفه حوالي خمس عشرة سنةً، ورتب الإمام مسلم رحمه الله صحيحه ترتيبًا ملفتًا للنظر، فقد جمع ما يتعلق بالباب في موضع واحد بالأسانيد التي يريدها ويرتضيها، لكنه مع ذلك لم يكتب تراجم أبوابه كما فعل البخاري، وقد اشتمل كتابه على كل أبواب الدين كما في صحيح الإمام البخاري، إلّا أنّ الإمام مسلم لم يجمع في صحيحه كل الأحاديث الصحيحة.[٧]


المراجع

  1. رواه الإمام أحمد ، في تاريخ دمشق، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، الصفحة أو الرقم:7/39، صحيح.
  2. "الإمام البخاري وصحيحه والأمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2021. بتصرّف.
  3. "الإمام البخاري وصحيحه والأمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/1/2022. بتصرّف.
  4. "دفاع عن صحيحي البخاري ومسلم"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/1/2022. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "تعريف بكتاب الجامع الصحيح"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/1/2022. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 93-92. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 93. بتصرّف.