يعرّف علماء الحديث الحديثَ الحسن بأنّه الحديث الذي رَواه عَدْل خفيف الضّبط بسندٍ متّصلٍ إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام من غير شذوذٍ ولا علّةٍ،[١] قال ابن حجر: "وخبر الآحاد بنقل العَدْل تام الضّبط متّصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصّحيح لذاته، فإن خفّ الضّبط فالحسن لذاته"،[٢] وسيتّضح المراد بمفردات التعريف من خلال بيان شروط الحديث الحسن لذاته آتيًا في ثنايا المقال.


شروط الحديث الحسن لذاته

وضع علماء الحديث النبويّ جملةً من الشروط الواجب توافرها في الحديث الحسن حتّى يعتبر حسنًا لذاته، وفيما يلي بيانها.[٣]


اتصّال الإسناد

وهو الشرط الأوّل من شروط الحديث الحسن، ومعناه أن يثبُت سَماع كل راوٍ مِن راوة السند من شيخه؛ أيّ أن يكون كلّ واحدٍ من راوة الحديث قدّ تلقاه ممن فوقه من الرواة وهكذا إلى أن يَصل التلقي قائله، ويخرج بهذا الشرط الحديث المرسل والمُنقطع بأيّ نوعٍ من أنواع الانقطاع؛ لأنّه إذا لم يكن مُتصلاً فمعناه أنه سقطَ من سنده راوٍ أو أكثر، ويُحتمل أن يكون الراوي المحذوف ضعيفًا فلا يكون الحديث عندها صحيحًا، أمّا الحديث الحسن لذاته فلا بدّ فيه من اتصال سند وسلسلة الرواة.[٣]


عدالة الرواة

وهي ركنٌ مهمٌّ من أركان الرواية؛ لأنّها الأمر الذي يحثّ الراوي على تقوى الله وتمنعه عن المعاصي والكذب والفسق والبدع وما يخلّ بالمروءة، فنستثني بهذا الشّرط الحديث الموضوع، لذا فإنّ من شروط الحديث الحسن أن يتّصف راويه بالعدالة؛ أي الخلو من الفسق وخوارم المروءة والكذب وسيء الأخلاق.[٣]


خفّة الضبط

والمقصود بهذا الشرط أنّ رواة الحديث الحسن أو أحدهم دون الراوي الثّقة في ضبط الحديث وحفظه، وهو مع ما طرأ عليه من خفّة في الضبط، إلّا أنّه لا زال يُحتج به، ويصف علماء الحديث راوي الحديث الذي خفّ ضبطه بقولهم: "ثقة يُخطئ"، "ثقة له أوهام"، "صدوقٌ" أو "لا بأس به"،[٤] ويقول الحافظ ابن حجر في هذا الشّرط: "لا نعني في قولنا خفّ ضبطه أنّه صار يُخرّف، بل المعنى أنّه لا يكون في كَمال الضّبط أو تمامه ولكنّ ينزل درجة أو مرتبةً.[٥]


عدم الشذوذ

والشذوذ هو مُخالفة الراوي الثقة لِمن هو أوثق وأقوى منه سواءً في الحِفظ أو العدد؛ لأنّه إذا خالف الراوي من هو أولى منه بقوَّة حفظه أو كثرة عددٍ، كان مُقدَّمًا عليه، وكان المرجوح شاذًّا، وتَبيّن بشذوذه وقوع وَهم في رواية الحديث.[٣]


عدم الإعلال

والمقصود بذلك سلامة الحديث مِن علّة تطعن في صحّته، أيّ خلّوه من وَصف خفيّ قادحٍ في صِحّة الحديث والظاهر السّلامة منه، فاستُثنيَ بهذا الشّرط الحديث المُعلّل؛ لأنّ الحديث المعلّل بعلّةٍ لا يكون صحيحًا ولا حسنًا.[٣]


حكم الحديث الحسن

الحديث الحسن مقبولٌ عند الفقهاء في الاحتجاج والعملِ به كالحديث الصحيح، وهو ما عليه مُعظم المُحدّثين والأصوليين؛ وذلك لأنّه قدّ عُرِف صدق راويه وسلامة انتقاله بالسند، والمقصود بخفّة ضبط راويه أنّه أدنى درجةً من الصحيح؛ إذ إنّ الحديث الصحيح والحديث الحسن يتّفقان في الاحتجاج والعمل بهما، ويفترقان بأنّهما إذا تعارضا فالصحيح يقدّم على الحسن.[٦]


الكتب التي من مظنّات الحسن

لم يُفرد العلماء كتبًا خاصَّةً بالحديث الحسن كما أفردوا الصحيح المُجرّد في كتبٍ مُسقلِّةٍ، إلّا أنّ هناك كتبًا كَثيرةً أوردت فيها أحاديثٌ من درجة الحسن، أشهرها:[٧]

  1. جامع الترّمذي: وهو المصنَّف المشهور بسُنن الترّمذي؛ فهو أصلٌ في معرفة الحديث الحسن، كما أنّ الإمام الترّمذي هو الّذي أشهره في هذا الكتاب واسترسل في ذكره.
  2. سنن أبي داود: فقد ذكر الإمام أبو داود في رسالته أنّه يذكر الصحيح في سُننه وما يُشبهه ويُقاربه، وما كان فيه وَهن شديد بيّنه.
  3. سُنن الدارقطني: فقد ذكر الدارقطني في كتابه الكثير من الأحاديث من درجة الحسن.

المراجع

  1. سامي محمد، كتاب العمل الصالح، صفحة 7. بتصرّف.
  2. محمود الطحان، كتاب تيسير مصطلح الحديث، صفحة 57. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج نور الدين عتر، كتاب منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 242. بتصرّف.
  4. الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح (23/11/2013)، "أقسام الحديث من حيث قبوله ورده"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/11/2021. بتصرّف.
  5. حسن أبو الأشبال الزهيري، كتاب الباعث الحثيث، صفحة 2. بتصرّف.
  6. محمد حسن عبد الغفار، كتاب شرح البيقونية، صفحة 4. بتصرّف.
  7. محمود الطحان، كتاب تيسير مصطلح الحديث، صفحة 62. بتصرّف.