نص حديث يدعو على رعل وذكوان

أخرج البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قوله عن النبيّ عليه الصلاة والسلام: "قَنَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو علَى رِعْلٍ وذَكْوَانَ"،[١] وفي رواية مسلم في صحيحه: "قَنَتَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ في صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو علَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، ويقولُ: عُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسولَهُ".[٢]


شرح حديث يدعو على رعل وذكوان

معاني مفردات الحديث

فيما يلي بيانٌ لمعاني مفردات الحديث:

  • قنتَ: أي أطاع الله وخضع وخشع له،[٣] والقنوت؛ هو الدعاء الذي يكون بعد الرفع من الركوع وقبل السجود، ويكون في الركعة الأخيرة من الصلاة.[٤]
  • رعل وذكوان: بطنٌ من بني سليم ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم، وأما ذكوان فبطنٌ‏ من بني سليم أيضًا وينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم.[٥]
  • عُصية: بطنٌ من بني سليم.[٥]


معنى الحديث

يبيّن الحديث قصةً عظيمةً مفادها أنَّ خالَ أنس بن مالك -رضي الله عنه- بعثه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مع سبعين راكبًا إلى قبيلة بني عامر بن صعصعة من أهل نجدٍ؛ وذلك لدعوتهم إلى الإسلام، وفي روايةٍ أخرى أنّ رعل وذكوان وعُصيّة وبنو لحيان أتوا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وزعموا أنّهم أسلموا؛ فأمدّهم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بسبعين من الأنصار، أطلق عليهم الصحابة -رضي الله عنهم- لقب القُرّاء؛ حيث كانوا يعملون نهارًا ويصلون ليلًا، وكان رئيس المشركين وهو عامر بن الطفيل، وقد وضع للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- لما أتاه ثلاث خصالٍ وشروطٍ:[٤]

  • أن يكون للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- حكم سكان البادية ولعامر حكم سكان المدن.
  • أن يكون خليفةً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته.
  • أن يحارب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ويغزو بأهل قبيلة غطفان بألفِ أشقرٍ من الخيل وألفِ من إناثها، وفي هذا بيانٌ لقوة الرجال الذي سيقاتلون.


وبعدها أصيب عامر بن الطفيل بالطاعون، وقد طلب عامر أن يأتوه بفرسه؛ فركبه وكان موته عليه، ولكنَّه قبل موته كان قد قتل السبعين من الأنصار الذين أعطاهم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إيّاه، وبعد ذهاب السبعين الذين بعثهم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذهب حرام خال أنس بن مالك وقد كان معه رجلان أحدهما أعرج، إلى بني عامر؛ ليبلغ رسالة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ودعوة الحقّ والتوحيد، وقد كان حرام يشكّ في حال بني عامر؛ فأخبر الرجلين اللذين معه أنّه إن حصل على الأمان أن يبقيا قريبين منه، وإن لم يحدث ذلك رجعوا إلى أصحابهم، فعندما وصل إلى بني عامر قال لهم: أتعطوني الأمان؛ لأبلغ رسالة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فكان يحدثهم ولكنهم غدروا به، وأشاروا إلى رجلٍ ليقتله؛ فجاءه من الخلف وطعنه بالرمح حتّى خرج من جسده، فأخذ يقول عندما طُعن: الله أكبر، فُزت بالشهادة، فرآه الرجل الذي كان برفقته، فرجع مسرعًا؛ ليخبر أصحابه كما أوصاه حرام؛ فلحقه المشركون وقتلوه وقتلوا أصحابه، إلّا الرجل الأعرج قد هرب بنفسه إلى جبلٍ عالٍ، وقيل إنّه استشهد يوم غزوة الخندق.[٤]


وحين وصل الخبر للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- حزن حُزنًا شديدًا، ودعا على أولئك القتلة، واستمر بالدعاء عليهم في القنوت في الصُبح ثلاثين يومًا؛ لما تسبّبوا به من غدرهم وخيانتهم لله ورسوله، وقد ورد عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- استمرّ بالدعاء عليهم في سائر الصلوات، وتوقّف النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد نزول الآية الكريمة: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ).[٦][٤]


ما يرشد إليه الحديث

للحديث الشريف دلالاتٌ وإرشاداتٌ عدَّةٌ، فيما يلي ذكر بعضٍ منها:

  • حبّ الصحابة للشهادة في سبيل الله -عزّ وجلّ- وفرحهم الشديد بنيلها.[٤]
  • من هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- الدعاء في القنوت وقت النوازل والشدائد والمصائب.[٧]
  • في الحديث دلالةٌ واضحة على جواز الدعاء على أهل الغدر، والمنتهكين لحُرمة الله، والقاتلين للمسلمين بغيرِ وجه حقٍّ.[٤]
  • في الحديث بيانٌ لمكانة الصحابي حرام بن ملحان رضي الله عنه.[٤]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1003، صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:677، صحيح.
  3. المعاني، "معنى قنت"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ الدرر السنية، "شرح حديث يدعو على رعل وذكوان"، الدرر السنية الموسوعة الحديثية، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب نداء الايمان، الباري شرح صحيح البخاري **/باب غَزْوَةِ الرَّجِيعِ وَرِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةَ/i9&d19699&c&p1 "باب غزوة الرجيع وبئر معونة"، نداء الايمان، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  6. سورة آل عمران، آية:128
  7. إسلام ويب (3/3/2019)، "القنوت في النوازل سُنة نبوية"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.