نص حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء

روى الصحابي الجليل العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أُوصيكُمْ بِتقْوَى اللهِ، والسَّمعِ والطاعةِ، وإنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبَشِيٌ، فإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكمْ بَعدِي فسَيَرَى اخْتلافًا كثيرًا، فعليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمسَّكُوا بِها، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجِذِ، وإيّاكُمْ ومُحدثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بِدعةٌ، وكلَّ بِدعةٍ ضلالَةٌ).[١]


شرح حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء

دلّ الحديث النبويّ السابق على العديد من الدلالات والإشارات المبيّنة فيما يأتي:[٢]

  • أوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بتقوى الله والخشية منه في السرّ والعلن، وطاعة وليّ الأمر وعدم مخالفة أوامره، إذ رود في حديثٍ آخرٍ عن أمّ الحُصين: (سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يخطبُ في حجَّةِ الوداعِ وعليْهِ بردٌ قدِ التفعَ بِهِ من تحتِ إبطِهِ قالت فأنا أنظرُ إلى عضلةِ عضدِهِ تزتَجُّ سمعتُهُ يقولُ يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللَّهَ وإن أمِّرَ عليْكم عبدٌ حبشيٌّ مجدَّعٌ فاسمعوا لَهُ وأطيعوا ما أقامَ لَكم كتابَ اللَّهِ)،[٣] وقال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)،[٤] وتجدر الإشارة إلى أنّ الطاعة لا تكون إلّا في المعروف والبرّ، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ)،[٥] وقد خصّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- طاعة ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة له؛ تأكيداً منه على أهمية ذلك الأمر وضرورة الحرص عليه.[٦]
  • أرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين عامّةً إلى التمسّك بسنّته وطريقته ومنهاجه، والتمسّك أيضاً بسنة الخلفاء الراشدين الذين هداهم الله وأرشدهم إلى طريق الحقّ المستقيم، وهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب.
  • قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عضّوا عليها بالنواجذ)، ويُراد بالنواجذ آخر الأضراس، وذلك اللفظ كنايةً عن شدّة التمسّك بالسنة النبوية وسنّة الخلفاء الراشدين، فلا بدّ من العبد المسلم التزام ما ورد عن الرسول -عليه السلام- وخلفائه.
  • حذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من الأمور التي ستقع من بعده والتي تخالف أصول الدِّين، إذ إنّ كلّ أمرٍ جديدٍ يُستحدث في الدِّين والشّرع ولا يقوم على أصلٍ من أصوله إنّما هو في الحقيقة طريقٌ للغواية والضلالة.


راوي حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء

الصحابيّ الجليل العرباض بن سارية السلميّ -رضي الله عنه-، يكنّى بأبي نُجيح، سكن الشام وتوفّي فيها في السنة السابعة والخمسين للهجرة، ومن الذين رووا عنه الحديث النبوي: أبو أُمامة، وبعض التابعين من أهل الشام.[٧]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:2549، صحيح.
  2. "شرح حديث عليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2021. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أم الحصين الأحسمية، الصفحة أو الرقم:1706، صحيح.
  4. سورة النساء، آية:59
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:7257، صحيح.
  6. "حديث : فعليكم بسنتي"، إسلام ويب، 22/8/200، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2021. بتصرّف.
  7. "العرباض بن سارية رضي الله عنه"، إسلام ويب، 25/12/2005، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2021. بتصرّف.