نص حديث خسف بالمشرق

أخرج الإمام مسلم في صحيحه قول حذيفة الغفاري -رضي الله عنه-: (كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ في غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ منه، فَاطَّلَعَ إلَيْنَا، فَقالَ: ما تَذْكُرُونَ؟ قُلْنَا: السَّاعَةَ، قالَ: إنَّ السَّاعَةَ لا تَكُونُ حتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ)، وفي الحديث أيضاً: (وقالَ أَحَدُهُما في العَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وقالَ الآخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ في البَحْرِ).[١]


شرح حديث خسف بالمشرق

كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يتذاكرون فيما بينهم أمْر يوم القيامة، فاطّلع عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكانٍ عالٍ، وسألهم عمّا يتحدّثون، فأخبروه أنّهم يتذاكرون أمر يوم القيامة، فحدّثهم النبيّ عن علامات هذا اليوم، وسيأتي شرح العلامات في هذا الحديث النبوي فيما يأتي:


الخسوفات الثلاث

أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّ من علامات الساعة حدوث ثلاثة خسوف، وخسف الأرض يعني انهيارها واختفاء ما بداخلها وذهابه في باطنها،[٢] وقد حدّد النبيّ أماكن هذه الخسوفات الثلاث على وجه العموم؛ وهي خسفٌ في المشرق، وآخر في المغرب، وخسفٌ في جزيرة العرب، ولم تقع هذه الخسوفات إلى الآن.[٣]


وذهب أهل العلم إلى أنّ معنى الخسف الذي سيحصل في المشرق؛ أي في جهة مشرق المدينة النبوية، والمقصود جهةٌ في موضع المشرق لا جميع نواحيه وأرجائه، والمكان الثاني هو جزيرة العرب، ولا يعني أن يشمل الخسف جميع أرجاء هذا المكان، بل ربّما أتى على جزءٍ منه، أمّا خسف المغرب فيُقصد به حدوث خسف في جهة غرب المدينة، هذا والله -تعالى- أعلم.[٤]


الدخان

الدخان من علامات الساعة الكبرى، ويدلّ على ذلك أيضاً قول الله -عز وجل-: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هَـذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ)،[٥] وقيل إنّ هذه العلامة وقعت، وذهب العديد من أهل العلم إلى أنّ هذه العلامة لم تقع بعد، بدليل قول الله: (يَغْشَى النَّاسَ)، ويدلّ لفظ النّاس على حصولها على عمومهم لا على فئة معيّنة.[٦]


الدجال

حذّر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من فتنة الدجّال التي ستحصل قبل قيام الساعة، وما من نبيٍّ إلا وحذّر قومه من فتنته، وقد ذكر النبيّ الكريم العديد من صفاته، وبيّن للمسلم ما يفعله إذا جاء على زمانه، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ).[٧][٨]


دابة الأرض

يرى العديد من أهل العلم أنّ هذه الدّابة ستخرج بعد ظهور الشمس من المغرب، وتكون من أواخر العلامات -والله أعلم-، لأنّ وظيفتها تمييز المؤمن من الكافر، فتطبع على جبين كّل منهما "مؤمن" أو "كافر"، قال -تعالى-: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ).[٩][١٠]


يأجوج ومأجوج

ذكر الله -عز وجل- قوم يأجوج ومأجوج في سورة الكهف، حيث بنى عليهم ذو القرنين سداً، وحجَرَ عليهم، وسيكون هدمهم للسدّ وخروجهم وانتشارهم في الأرض من علامات السّاعة التي بيّنها النبيّ في الحديث، وقد قال -تعالى- عنهم: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).[١١][١٢]


طلوع الشمس من مغربها

ظهور الشمس من المغرب من العلامات التي لا ينفع إيمان الكافر بعد ظهورها، وتكون هذه العلامة أمراً مهولاً يؤذن بخراب هذا الكوْن، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها، فإذا رَآها النَّاسُ آمَنَ مَن عليها، فَذاكَ حِينَ: (لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ)[١٣]).[١٤][١٥]


نار تخرج من قعر عدن

يكون من آخر علامات الساعة قبل قيام يوم القيامة خروج نارٍ من قعر عدن في اليمن تنتشر في الأرض، وتسوق النّاس إلى محشرهم في بلاد الشام، ويكون بعد هذه العلامة النّفخ في الصور وقيام السّاعة.[١٦]


نزول عيسى عليه السلام

ينزل سيدنا عيسى في آخر الزمان، ويرافق نزوله وجود المهدي والدجّال، وتكون نهاية الدجّال وفتنته على يد عيسى -عليه السلام-، وقد ثبتت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيّن كيفية نزول عيسى -عليه السلام-، وما يفعله بعد نزوله، وسيكون حاكماً بشريعة الإسلام.[١٧]


الريح

اختلف الرّواة في العلامة العاشرة في متن هذا الحديث، فمنهم مَن قال: نزول سيدنا عيسى، ومنهم مَن قال: الريح، فمن علامات الساعة ظهور ريحٍ شديدة الجري والسرعة وقوية الدّفع تُلقي النّاس من شدّتها في البحر، فيكون موضع حشر الكفّار والفجّار، وهذه العلامة إمّا أن تظهر وحدها أو تكون مقرونة بالنّار التي تخرج من اليمن.[١٨]



مواضيع أخرى:

حديث عدد يأجوج ومأجوج

شرح حديث يعوذ عائذ بالبيت

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم:2901، صحيح.
  2. "تعريف ومعنى خسف في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2022. بتصرّف.
  3. "شرح حديث علامات الساعة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2022. بتصرّف.
  4. "الخسوفات الثلاثة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2022. بتصرّف.
  5. سورة الدخان، آية:12
  6. عمر سليمان الأشقر، القيامة الصغرى، صفحة 223. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن هشام بن عامر، الصفحة أو الرقم:2946، صحيح.
  8. محمد حسان، أحداث النهاية ونهاية العالم، صفحة 431. بتصرّف.
  9. سورة النمل، آية:82
  10. أبو بكر الجزائري، اقتربت الساعة فتوبوا أيها المذنبون، صفحة 11. بتصرّف.
  11. سورة الأنبياء، آية:96-97
  12. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 233، جزء 19. بتصرّف.
  13. سورة الأنعام، آية:158
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4635، صحيح.
  15. محمود الوليد، كشف المنن في علامات الساعة والملاحم والفتن، صفحة 290-292. بتصرّف.
  16. محمد التويجري، الفقه الإسلامي/خروج النار التي تحشر الناس:/i582&d916340&c&p1 موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 20. بتصرّف.
  17. مصطفى الشلبي، صحيح أشراط الساعة ووصف ليوم البعث وأهوال يوم القيامة، صفحة 251-253. بتصرّف.
  18. "شرح حديث علامات الساعة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2022. بتصرّف.