نص حديث أفشوا السلام بينكم

حثّ الإسلام على فضائل الأخلاق وما يبعث على التآلف والأخوة بين المسلمين، ومن ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ).[١]


شرح حديث أفشوا السلام بينكم

يربط النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخول الجنّة بالإيمان، ثمّ يربط بين الإيمان والتحابّ فيقول: (ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا)؛ ومعنى ذلك أنّ إيمانكم لا يكتمل ولا يتمّ إلا بالتحابّ والتآلف بينكم، وذلك بأن يُحبّ المسلم لأخيه ما يحبّه لنفسه، ويجعل حبّه له في الله، وبذلك يصلح حاله في الإيمان.[٢]


ثمّ يوضّح النبيّ الكريم مفتاح استجلاب المحبّة والمودّة بين المسلمين، فيسأل بطريقةٍ تلفت الأنظار والقلوب إلى معرفة ذلك الكنز فيقول: (أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ)؟ ثم يُبيّن أن هذا المفتاح هو إفشاء السلام، ومعنى ذلك إظهار السلام ونشره بين الناس، وهو ما يؤدّي إلى التآلف بين المسلمين، ونشر الطمأنينة بينهم، وإظهار شعارهم الذي يميّزهم عن غيرهم.[٣]


وصدق رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، إذ إنّ النّاظر إلى شعار السلام بين المسلم وأخيه المسلم يجد أنّه ينشر المحبّة بينهما حتى وإن كانا لا يعرفان بعضهما من قبل، ويزيد في تآلفهما ومحبّتهما إذا كانا متحابّين، بل يزيل مشاعر البغضاء والشحناء بين المتخاصمين، فالسلام مفتاحٌ للمحبّة، ومعلومٌ أنّ المحبّة من أبرز ثمرات الإيمان، فيكون إفشاء السلام باباً من أبواب الجنّة.[٣]


ما يُستفاد من حديث أفشوا السلام بينكم

يُستفاد من هذا الحديث النبوي الشريف العديد من الحِكَم والدّروس واللّطائف، ومن أبرزها ما يأتي:[٤]

  • تعليق النبيّ كمال الإيمان بالمحبّة في الله، وهذا إن دلّ على شيءٍ فهو يدلّ على عِظم أهميّتها ومكانتها عند الله -سبحانه-.
  • الحبّ في الله سببٌ لصلاح العِباد وفلاحهم في الدنيا والآخرة.
  • الحثّ على إظهار شعيرة السلام ونشرها بين المسلمين، فيُسلّم المسلم على من يعرف منهم وعلى من لا يعرفه.
  • السلام سببٌ للتآلف ونشر المحبّة والمودّة والطمأنينة بين المسلمين.
  • بذل السلام سببٌ من أسباب إزالة الشحناء والتقاطع بين النّاس، وهو مظهرٌ من مظاهر التواضع وخفض الجناح لأهل الإيمان.
  • السلام شعار يتميّز به المسلمون، وأقلّه قول: "السلام عليكم"، وأكمله قول: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، ومَن يفعل ذلك يمتثل لأمر الله -تعالى- ويتّبع نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، فينال الأجر والثواب.
  • إفشاء السلام يعزّز من الوحدة بين المسلمين، ويزيل التمييز بين الناس، فالتسليم لا يخصّ فئة دون الأخرى، بل يُسلّم المسلم على من يعرف وعلى من لا يعرف، وعلى الصغير وعلى الكبير، فقد سأل رجلٌ رسول الله: (أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ).[٥]



مواضيع أخرى:

شرح حديث حلاوة الإيمان

الحديث النبوي

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:54، صحيح.
  2. القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم، صفحة 304، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 201-202، جزء 1. بتصرّف.
  4. خميس السعيد محمد، مواقف حلف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 35-36. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:12، صحيح.