حديث وادي عسفان

أخرج الإمام أحمد في مسنده، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (لمَّا حَجَّ رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مَرَّ بوادي عُسْفانَ حينَ حَجَّ، فقالَ: يا أبا بَكْرٍ، أيُّ وادٍ هذا؟ قالَ: وادي عُسْفانَ، قالَ: لقد مَرَّ به هودٌ، وصالِحٌ على بَكَراتٍ حُمْرٍ، خُطُمُها اللِّيفُ، أُزُرُهم العَباءُ، أَرْدِيتُهم النِّمارُ، يُلَبُّونَ، يَحُجُّونَ البَيْتَ العَتيقَ).[١]


تخريج حديث وادي عسفان

أخرج هذا الحديث جمعٌ من المحدثين؛ نذكر من ذلك -مع ما ورد من تعليقاتهم- ما يأتي:

  • أخرجه الضياء المقدسيّ في كتابه الأحاديث المختارة؛ وقد قال في مقدمته: "هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم".[٢]
  • أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب؛ وقد علّق على رجلين من رجال السند فقال: "زَمعَة بن صَالح عَن سَلمَة بن وهرام وَلَا بَأْس بحديثهما فِي المتابعات، وَقد احْتج بهما ابْن خُزَيْمَة وَغَيره".[٣]
  • أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد، وعلّق على رجل في إسناده؛ وهو زمعة بن صالح، فقال: "فِيهِ كَلَامٌ وَقَدْ وُثِّقَ".[٤]


ولقد علّق ابن الملقن على إسناد هذا الحديث؛ فقال في البدر المنير: "وَزَمعَة ضعفه أَحْمد، وَأخرج لَهُ مُسلم مَقْرُونا بآخر، وَسَلَمَة بن وهرام مُخْتَلف فِيهِ، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وَضَعفه أَبُو دَاوُد..."،[٥] كما حكم الألباني على هذا الحديث؛ فقال: حديث ضعيف.[٦]


شرح حديث وادي عسفان

ورد في هذا الحديث الشريف عدّة كلمات تحتاج إلى بيان معناها قبل الشروع بشرح الحديث؛ نذكرها على النحو الآتي:[٧]

  • (وادي عُسْفانَ): موضع يقع على نحو مرحلتين من مكة المكرمة.
  • (بَكَراتٍ حُمْرٍ): جمع بكْرة -بسكون الكاف-، وهي الفتيّة من الإبل.
  • (خُطُمُها اللِّيفُ): الخطم هو الزمام الذي يوضع على الجمل ليُقاد به،[٨] أمّا الليف فهو ما يخرج من أصول سعف النخل، تُحشى به الوسائد والفُرُش، كما تُصنع منه الحبال.[٩]
  • (أُزُرُهم العَباءُ): الأُزُر جمع إزار؛ وهو الثوب الذي يُحيط بالجزء السفليّ من الجسم.[١٠]
  • (أَرْدِيتُهم النِّمارُ): الأردية جمع رداء وهو الثوب، أمّا النّمار فهي جمع نمرة، ويُقصد بها الثوب المخطط.


يُذكر في هذا الحديث أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا حجّ حجّة الوداع، مرّ بوادٍ يُسمّى عُسفان، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- عن اسم هذا الوادي؛ فأجابه بأنّه وادي عُسفان؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ سيدنا هود، وسيدنا صالح -عليهما السلام- مرّا بهذا الوادي؛ على جمال فتيّة حمراء اللون، وزمام هذا الجمال مصنوع من الليف.[١١]


وقد كان النبيّان الكريمان يلبسان من الثياب العباء، إضافةً إلى الأثواب المخططة؛ وقد قدموا إلى البيت العتيق للحجّ وهم يُلبون؛ وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ الحجّ كان مشروعاً منذ زمن آدم -عليه السلام-، وأنّ جميع الأنبياء أدّوا هذه الشعيرة العظيمة، ولا يلزم من هذا القول بأنّ الحجّ كان واجباً مفروضاً على الأمم السابقة كما في الإسلام.[١١]

المراجع

  1. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2067، قال ابن كثير إسناده حسن وقال المنذري فيه زمعة بن صالح وفيه كلام وقد وثق.
  2. ضياء الدين المقدسي، الأحاديث المختارة، صفحة 397، جزء 11.
  3. عبد العظيم المنذري، الترغيب والترهيب، صفحة 117، جزء 2.
  4. نور الدين الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، صفحة 220، جزء 3.
  5. ابن الملقن، البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير، صفحة 177، جزء 6.
  6. ناصر الدين الألباني، ضعيف الترغيب والترهيب، صفحة 354، جزء 1. بتصرّف.
  7. حسن بن علي الفيومي، فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب، صفحة 55، جزء 6. بتصرّف.
  8. موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، صفحة 546، جزء 6. بتصرّف.
  9. ابن قرقول، مطالع الأنوار على صحاح الآثار، صفحة 476، جزء 3. بتصرّف.
  10. أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 87، جزء 1. بتصرّف.
  11. ^ أ ب عبيد الله الرحماني المباركفوري، مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، صفحة 291، جزء 8. بتصرّف.