كان علماء الحديث النبويّ يقسّمون الحديث من حيث القبول والردّ إلى قسمين، هما: الحديث الصحيح، والضعيف، ويقصدون بالصحيح الحديث المقبول عمومًا سواء كان صحيحًا أو حسنًا، إلى أن جاء الإمام الترمذي وقسّم الحديث إلى أقسامٍ ثلاثةٍ، هي: الصحيح والحسن والضعيف، فيأتي الحديث الصحيح في الدرجة الأولى، يليه الحديث الحسن في الدرجة الثانية من حيث القوّة واحتجاج العلماء به واستنباط الأحكام منه،[١][٢] وآتيًا بيانٌ للحديث الحسن وبعض ما يتّصل به.


الحديث الحسن

تعريف الحديث الحسن

الحسن في اللغة صفةٌ مشبّهةٌ من الحُسن؛ أي الجمال، وأمّا الحديث الحسن؛ فهو الحديث الذي رواه راوٍ عدلٌ خفّ ضبطه من غير شذوذٍ ولا علّةٍ، ويفهم من ذلك أنّ الحديث الحسن لا بُدّ أن يكون خالياً من الشذوذ؛ أي مخالفة الراوي الثقة لمن هو أقوى منه، وخالٍ من العلّة؛ أي من الوصف الخفي الذي يقدح في صحّته، وأنّ راويه عدلٌ؛ أي غير متّهمٍ بالكذب أو الفسق، إلّا أنّ ضبط حفظ الراوي قد خفّ.[٣][٢][٤]


الفرق بين الحديث الحسن والصحيح

إنّ الفارق بين الحديث الحسن والصحيح فارقٌ يسيرٌ جدًّا، يمكن إجماله في النقاط الآتية:[٢]

  • من حيث اتّصال السند: فالحديث الحسن والصحيح كلاهما سنده متّصلٌ.
  • من حيث عدالة الرواة: كلٌّ من رواة الحديث الحسن والصحيح متّصفون بالعدالة.
  • من حيث ضبط الراوي:
  • الحديث الصحيح: ضبط حفظ راويه تامٌّ.
  • الحديث الحسن: ضبط حفظ راويه أخفّ.
  • من حيث الخلو من الشذوذ: كلٌّ من الحديث الحسن والصحيح سالمٌ من الشذوذ.
  • من حيث الخلو من العلّة: كلٌّ من الحديث الحسن والصحيح خالٍ من العلة.


أقسام الحديث الحسن

ينقسم الحديث الحسن إلى قسمين، هما:[٢]

  • الحسن لذاته:
  • تعريفه: يراد به ذات التعريف الذي عُرف به الحديث الحسن، إلّا أنّه إذا رُوي من طُرقٍ أخرى مثله في القوّة أو أقوى منه، ارتقى من درجة الحسن إلى درجة الصحيح لغيره.
  • ومن أمثلة الحديث الحسن: ما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: "كفر بامرِءٍ ادعاءُ نسَبٍ لا يُعْرَفُ، أوْ جحدُهُ، وإِنْ دَقَّ"؛ فقد حكم الألباني وغيره على هذا الحديث بأنّه حسنٌ؛ وذلك لأنّه جمع شروط الحديث الصحيح من حيث عدالة الرواي، والخلو من الشذوذ والعلّة، إلّا أنّ في سنده عمرو بن شعيب وقيل فيه إنّه خفّ ضبطه، وعلى ذلك يكون الحديث حسنًا؛ لأنّ فيه راوٍ خفّ ضبطه.
  • الحسن لغيره:
  • تعريفه: هو الحديث الذي فيه ضعفٌ يسيرٌ، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو كذبه، وجاء معه طرقٌ وشواهد تدعمه وتقوّيه؛ فيرتقي بذلك إلى رتبة الحسن لغيره، وأطلق عليه علماء الحديث اسم الحسن لغيره؛ لأنّ حسنه لم يكن من ذات الحديث أو الرواية، إنّما بلغ درجة الحسن بطرقٍ وشواهد أخرى.[٥]
  • ومن الأمثلة عليه: "قُلْنا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا حُرِّمَتِ الخَمرُ: إنَّ عندَنا خَمرًا ليتيمٍ لنا، فأَمَرنا فأَهْرَقْناها"؛ فمن المحدّثين من حكم على هذا الحديث بأنّه حسنٌ لغيره.[٥]


هل يمكن الاحتجاج بالحديث الحسن؟

إنّ الحديث الحسن حجّةٌ عند الفقهاء يعملون به ويستنبطون الأحكام منه، وهو ما عليه جمهور المحدّثين والأصوليين، فالحديث الحسن في الحجّة والقوّة يأتي بعد الحديث الصحيح.[٣][٢]


ما معنى حديث حسن صحيح؟

يحكم بعض علماء الحديث وخاصّةً الإمام الترمذي على بعض الأحاديث بقوله عنه: حسنٌ صحيحٌ، وقد علّل الإمام ابن حجر ذلك وأرجعه إلى أمرين، هما:[١]

  • أنّ للحديث إسنادين أو أكثر، فقد يكون حسنًا في إسنادٍ وصحيحًا في إسنادٍ آخر.
  • أنّ للحديث إسنادًا واحدًا، إلّا أنّ العلماء اختلفوا في الحكم عليه؛ فمنهم من قال حسن، ومنهم من قال صحيح، ولم يترجّح الحكم لدى الإمام الترمذي؛ فقال عنه: حسنٌ صحيحٌ.


هل يوجد كتب خاصة بالحديث الحسن؟

لم يفرد علماء الحديث مصنّفاتٍ أو كتبًا خاصّة بالحديث الحسن، إلّا أنّ من كتب الحديث ما يكثر فيها ورود الحديث الحسن، ومن أبرزها:[٢]

  • سنن الترمذي.
  • سنن أبي داود.
  • سنن الدارقطني.


المراجع

  1. ^ أ ب عبدالله بن حمود الفريح (23/11/2013)، "أقسام الحديث من حيث قبوله ورده"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/09/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح منقذ عدنان محمد (13/04/2013)، "الحديث الحسن عند المحدّثين"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/09/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمود الطحان، تيسير مصطلح الحديث، صفحة 57-59. بتصرّف.
  4. نور الدين عتر، منهج النقد في علوم الحديث، صفحة 242-243. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد حسن عبد الغفار، شرح البيقونية، صفحة 7. بتصرّف.